للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾. وقال رسول الله : "أما هو -يعني عثمان بن مظعون- فقد جاءه اليقين من ربه" (٢٦).

قال الله تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾، أي: من كان متصفًا بهذه الصفات، فإنه لا تنفعه [١] يوم القيامة شفاعه شافع فيه؛ لأن الشفاعة إنّما تنجع إذا كان المحل قابلًا، فأم من وافى الله كافرًا يوم القيامة، فإنه [٢] له النار لا محالة، خالدًا فيها.

ثم قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [أي: فما لهولاء الكفرة الذين قبلَك عما تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين] [٣] ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾، أي: كأنهم في نفارهم عن الحق وإعراضهم عنه حُمُر من حمر الوحش، إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد. قاله أبو هريرة، وابن عباس - في رواية عنه - وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن. أو: رام، وهو رواية عن ابن عباس، وهو قول الجمهور.

وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران [٤]، عن ابن عباس: الأسد بالعربية، ويقال له بالحبشية قسورة، وبالفارسية شير [٥]، وبالنبطية أويا.

وقوله: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾، أي: بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتابًا [٦] كما أنزل على النبي.

قاله مجاهد وغيره، كقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ [٧]﴾. وفي رواية عن قتادة: يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل.

فقوله: ﴿كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ﴾، أي: إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها، وتكذيبهم بوقوعها. ثم قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ﴾، أي: حقًّا إنّ القرآن تذكرة ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ كقوله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾.

وقوله: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾، أي: هو أهل أن يُخاف منه، وهو أهل أن يَغفر ذنب من تاب إليه وأناب. قاله قتادة.


(٢٦) تعظيم قدر الصلاة (١/ ٢٦٧ - ٢٦٨) (٢٦٠).