للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ (١٩) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥)

هذا تعليم من الله ﷿ لرسوله في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه ويسابقُ [١] المَكَ في قراءته، فأمره الله ﷿ إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه.

فالحالة الأولى: جمعه في صدره، والثانية: تلاوته، والثالثة: تفسيره وإيضاح معناه.

ولهذا قال: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾، أي: بالقرآن، كما قال: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.

ثم قال: ﴿إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ﴾، أي: في صدرك، ﴿وَقُرْآنَهُ﴾، أي: أن [٢] تقرأه، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾، أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله ﷿ ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾، أي: فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ﴾، أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا.

وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس؛ قال: كان رسول الله يعالج من التنزيل شدة، فكان [٣] يحرك شفتيه، قال: فقال لي ابن عباس: أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله يحرك شفتيه.

وقال لي سعيد: وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه، فأنزل الله ﷿: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾، قال: جمعه في صدرك، ثم تقرؤه، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾: فاستمع [٤] له وأنصت، ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ﴾. فكان بعد ذلك


(٤) المسند (١/ ٣٤٣) (٣١٩١).