للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه.

وقد رواه البخاري ومسلم (٥)، من غير وجه، عن موسى بن أبي عائشة به.

ولفظ البخاري: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعد [١] الله ﷿.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو يحيى التيمي، حدثنا موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس؛ قال: كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نزل عليه عُرف في تحريكه شفتيه، يتلقى أوله ويحرك شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره، فأنزل الله: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾.

وهكذا قال الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد: إن هذه الآية نزلت في ذلك.

وقد روى ابن جرير (٦) من طريق العَوفي، عن ابن عباس: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾، قال: كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه، فقال الله: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَينَا﴾ [أن نجمعه لك] [٢] ﴿وَقُرْآنَهُ﴾، أن نقرئك فلا تنسى.

وقال ابن عباس وعطية العوفي: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا بَيَانَهُ﴾: تبين [٣] حلاله وحرامه. وكذا قال قتادة.

وقوله: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ [٤] الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ [٥] الْآخِرَةَ﴾، أي: إنّما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنزل الله ﷿ على رسوله من الوحي الحق والقرآن العظيم - أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة، وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة.

ثم قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾، من النضارة، أي: حسنة بَهِيَّة مشرقة مسرورة،


(٥) - صحيح البخاري، باب: بدء الوحي، باب: (٤)، حديث (٥) (١/ ٢٩). وأطرافه في [٤٩٢٧، ٤٩٢٨، ٤٩٢٩، ٥٠٤٤، ٧٥٢٤]. ومسلم في باب: الصلاة، باب: الاستماع للقراءة، حديث (١٤٧، ١٤٨/ ٤٤٨).
(٦) تفسير الطبري (٢٩/ ١٨٨).