للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جرير (١٥): حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا آدم، حدثنا المبارك، عن الحسن: " ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾، قال: حسنة، ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، قال: تنظر إلى الخالق، وحُق [١] لها أن تَنضُر وهي تنظر إلى الخالق.

وقوله: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾: هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة، قال قتادة: كالحة. وقال السدى: تغير ألوانها. وقال ابن زيد ﴿بَاسِرَةٌ﴾، أي: عابسة.

﴿تَظُنُّ﴾، أي: تستيقن ﴿أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾، قال مجاهد: داهية [٢]. وقال قتادة: شر. وقال السدي: تستيقن أنها هالكة. وقال ابن زيد: تظن أن ستدخل النار. وهذا المقام كقوله: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾. وكقوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾، وكقوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ إلى قوله: ﴿وُجُوهٌ [٣] يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾، في أشباه ذلك من الآيات والسياقات.

﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩) أَلَيسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)

يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال - ثبتنا الله هناك بالقول الثابت - فقال تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ﴾، إن جعلنا ﴿كَلَّا﴾ رادعة فمعناها: لست يا بن آدم تكذب هناك بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عيانًا. وإن جعلناها بمعنى (حقًّا) فظاهر، أي: حقًّا إذا بلغت التراقي، أي: انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك. والتراقي: جمع


(١٥) تفسير الطبري (٢٩/ ١٩٢).