للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه عن عَفّان (٦)، عن وُهَيب، عن عبد الله بن عثمان بن خثَيم به.

﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (٤) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَينًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)

يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خَلقه به من السلاسل والأغلال والسعير، وهو اللَّهيب والحريق في نار جهنم، كما قال: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾.

ولما ذكر ما أعدّه لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾، وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة، مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة.

قال الحسن: برد الكافور في طيب الزنجبيل؛ ولهذا قال: ﴿عَينًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾، أي: هذا الذي مُزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صِرفًا بلا مزج وَيُرْوونَ [١] بها؛ ولهذا [٢] ضمن يشرَب "يروى" حتى عداه بالباء، ونصب ﴿عَينًا﴾ على التمييز.

قال بعضهم: هذا الشراب في طيبه كالكافور. وقال بعضهم: هو من عين كافور. وقال بعضهم: يجوز أن يكون منصوبًا بـ ﴿يَشْرَبُ﴾. حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير.

وقوله: ﴿يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾، أي [٣]: يتصرفون فيها حيث شاءوا وأين شاءوا، من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم. والتفجير هو الإنباع، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ


(٦) المسند (٣/ ٣٩٩) (١٥٣٢٤).