للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾. وقال: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا [١] نَهَرًا﴾. قال مجاهد: ﴿يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ يقودونها حيث شاءوا. وكذا قال عكرمة، وقتادة: وقال الثوري: يصرفونها حيث شاءوا.

وقوله: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾، أي: يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من الطاعات الواجبة بأصل الشرع، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر.

قال الإمام مالك (٧)، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن مالك، عن عائشة أن رسول الله ؛ قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومق نذر أن يَعصي الله فلا يَعصِه". رواه البخاري، من حديث مالك.

ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد، وهو اليوم الذي شره مستطير، أي: منتشر عام على الناس إلا من رَحِمَ الله.

قال ابن عباس: فاشيًا. وقال قتادة: استطار - والله - شرّ ذلك اليوم حتى مَلأ السماوات والأرض. قال ابن جرير: ومنه قولهم: استطار الصَدع في الزجاجة واستطال. ومنه قول الأعشى:

فَبَانَتْ [٢] وَقَد أسْأرت في الفُؤا … د صَدْعًا على نَأيها مُستَطيرًا

يعني: ممتدًّا فاشيًا.

وقوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾، قيل: على حب الله تعالى. وجعلوا الضمير عائدًا إلى الله ﷿ لدلالة السياق [٣] عليه. والأظهر أن الضمير عائد على الطعام، أي: ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له. قاله مجاهد، ومقاتل، واختاره ابن جرير، [كقوله تعالى: ﴿وَآتَى الْمَال عَلَى حُبِّهِ﴾.

وكقرله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾] [٤].

وروى البيهقي (٨)، من طريق الأعمش، عن نافع؛ قال: مرض ابن عمر فاشتهى عنبًا أول ما


(٧) " الموطأ" كتاب: النذور والأيمان، باب: ما لا يجوز من النذور في معصية الله، حديث (٨) (١/ ٣٧٩). والبخاري في كتاب: الأيمان والنذر، باب: النذر في الطاعة، حديث (٦٦٩٦) (١١/ ٥٨١). وطرفه في [٦٧٠٠].
(٨) أخرجه البيهقي في السنن (٤/ ١٨٥) باب الزكاة، باب: ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ =