للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء العنب فأرسلت صفية - يعني امرأته - فاشترت عنقودًا بدرهم، فاتبع الرسولَ السائل [١]، فلما دخل به قال [٢] السائل: السائل. فقال ابن عمر أعطوه إياه. فأعطوه إياه. ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودًا فاتبع الرسول السائلُ: فلما دخل قال السائل: السائل. فقال ابن عمر: أعطوه إياه. فأعطوه إياه. فأرسلت صفية إلى السائل فقالت: والله إن عُدتَ لا تصيبُ منه خيرًا أبدًا. ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به.

وفي الصحيح (٩): " أفضل الصدقة أن تَصَدّقَ وأنت صحيح، شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر"، أي: في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ولهذا قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما. وأما الأسير فقال سعيد بن جبير، والحسن، والضحاك: الأسير: من أهل القبلة.

وقال ابن عباس (١٠): كان أسراؤهم يومئذ مشركين. ويشهد لهذا أن رسول الله أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء.

وهكذا قال سعيد بن جبير، وعطاء، والحسن، وقتادة.

وقد وصى رسول الله بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث، حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول: "الصلاةَ وما ملكت أيمانكم" (١١).

وقال عكرمة: هم العبيد - واختاره ابن جرير - لعموم الآية للمسلم والمشرك.

وقال مجاهد: هو المحبوس. أي: يطعمون لهؤلاء الطعام وهم يشتهونه ويحبونه، قائلين بلسان الحال: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾، أي: رجاءَ ثواب الله ورضاه، ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾، أي: لا نطلب منكم مجازاة تكافئونا بها ولا أن تشكرونا [٣] عند الناس.


= عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾.
(٩) أخرجه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: فضل صدقة الشحيح الصحيح، حديث (١٤١٩) (٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥). ومسلم في كتاب: الزكاة، باب: بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، حديث (٩٢، ٩٣/ ١٠٣٢) (٧/ ١٧٣ - ١٧٤). كلاهما من حديث أبي هريرة به.
(١٠) أخرجه الطبراني في الكبير (٣٩٣/ ٢٢) (٩٧٧) والصغير (١/ ١٤٦) من حديث أبي عزيز بن عمير أخي مصعب بن عمير فذكر قصة في معنى ذلك. قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٨٩): رواه الطبراني في الصغير والكبير وإسناده حسن.
(١١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الحاقة، آية: (٣٤) برقم (٢٠).