للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجْهه … " (١٣) الحديث.

وقوله: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا﴾ أي: بسبب صبرهم أعطاهم ونَولهم وبَوأهم ﴿جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾، أي: منزلًا رحبًا، وعيشًا رَغَدًا، ولباسًا حَسَنًا.

وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الدّارَاني قال: قرئ على أبي [١] سليمان الداراني سورة: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ﴾، فلما بلغ القاري إلى قوله: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾، قال: بما [٢] صبروا على ترك الشهوات في الدنيا، ثم أنشد:

كَم قَتِيل بشَهوةٍ وأسير … أفّ مِنْ مُشتهى خِلَاف الجمِيل

شَهوَات الإنْسان تورثه الذّلْ … وَتُلقيه في البَلَاء الطويل

﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (١٣) وَدَانِيَةً عَلَيهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (١٤) وَيُطَافُ عَلَيهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَينًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيهِمْ ولْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩) وَإِذَا رَأَيتَ ثَمَّ رَأَيتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)

يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم، وما أسبغ عليهم من الفضل العَمِيم فقال: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾. وقد تقدم الكلام على ذلك في "سورة الصافات" وذكر الخلاف في الاتكاء: هل هو الاضطجاع، أو التمرفق، أو التربع، أو التمكن في الجلوس؟ وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال.

وقوله: ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾، أي: ليس عندهم حَر مزعج، ولا برد مؤلم، بل هي مزاج واحد دائم سرمَدي، ﴿لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾.


(١٣) أخرجه البخاري في الموضع السابق برقم (٣٥٥٥). وأطرافه في [٣٧٣١، ٦٧٧٠، ٦٧٧١]. ومسلم في كتاب: الرضاع، باب: العمل بإلحاق القائف الولد، حديث (٣٨/ ١٤٥٩) (١٠/ ٥٩ - ٦٠).