للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضحاك. واختاره ابن جرير.

وعن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: ﴿جِمَالتٌ صُفْرٌ﴾، يعني: حبال السفن.

وعنه أعني ابن عباس: ﴿جِمَالتٌ صُفْرٌ﴾: قطع نحاس.

وقال البخاري (٥): حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، أخبرنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾، قال: كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوقَ ذلك، فنرفعه للشتاء [١]، فنسميه القَصَرَ، ﴿كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْر﴾: حبال السفن، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال.

﴿وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. ثم قال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾، أي: لا يتكلمون. ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾، أي: لا يقدرون على الكلام، ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا، بل قد قامت عليهم الحجة ووقع القولُ عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون. وعرصات القيامة حالات، والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة، وعن هذه الحالة تارة؛ ليدل على شِدَّة الأهوال والزلازل يومئذ.

ولهذا يقول بعد كل فصل من هذا الكلام: ﴿وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.

وقوله: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيدٌ فَكِيدُونِ﴾: وهذه مخاطبة من الخالق لعباده يقول لهم: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾، يعني: أنه جمعهم بقدرته في صعيد واحد، يُسمعهم الداعى ويَنفُذُهم البصر.

وقوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيدٌ فَكِيدُونِ﴾: تهديد شديد ووعيد أكيد، أي: إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي، وتَنجُوا من حكمي فافعلوا، فإنكم لا تقدرون على ذلك، كما قال تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾.

وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَضُرُّونَهُ [٢] شَيئًا﴾.

وفي الحديث (٦): " يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضَرّي فتضروني".


(٥) أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: قوله: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْرٌ﴾، حديث (٤٩٣٣) (٨/ ٦٨٨) وطرفه في (٤٩٣٢).
(٦) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة، باب: تحريم الظلم، حديث (٥٥/ ٢٥٧٧) (١٦/ ١٩٩ - ٢٠٠).