للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن المنذر الطريقي [١] الأودي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا حُصَين بن عبد الرحمن، عن حسان بن أبي المخارق، عن أبي عبد الله الجدَلَى قال: أتيت بيت المقدس، [فإذا عُبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو، وكعب الأحبار يتحدثون في بيت المقدس] [٢]، فقال عبادة: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين بصعيد واحد، ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي، ويقول الله: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيدٌ فَكِيدُونِ﴾، اليوم لا ينجو مني جبار عنيد، ولا شيطان مريد. فقال عبد الله بن عمرو: [فإنا، نحدث] [٣] يومئذ أنه [٤] يخرج عنُقُ من النار فتنطق حتى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت: أيها الناس، إني بُعثتُ إلى ثَلَاثة أنا أعرف بهم من الأب بولده ومن الأخ بأخيه، لا يُغَيِّبهم [٥] عني وَزَر، ولا تُخفِيهم عني خَافية: الذي جعل مع الله إلها آخر، وكل جبار عنيد، وكلَ [٦] شيطان مريد. فتنطوي عليهم فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة (٧).

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)

يقول تعالى مخبرًا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات، وترك المحرمات: أنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون، أي: بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه، من ظل اليحموم، وهو: الدخان الأسود المنتن.

﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾، أي: ومن سائر أنواع الثمار، مهما [٧] طلبوا وجدوا. ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، أي: يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم.

ثم قال تعالى مخبرًا خبرًا مستأنفًا: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، أي: هذا جزاؤنا لمن


(٧) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٩٦) وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي عبد الله الحبلي به.