وقوله: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ خطاب للمكذبين يوم الدين، وأمَرَهم آمر تهديد ووعيد فقال تعالى] [١]: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا﴾، أي: مدة قليلة قريبة قصيرة، ﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾، أي:[ثم تساقون][٢] إلي نار جهنم التي تقدم ذكرها، ﴿وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ كما قال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾، أي: إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة، امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه. ولهذا قال: ﴿وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
ثم قال: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾، أي: إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يؤمنون به؟ كقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾.
قال ابن أبي حاتم (٨): [][٣] حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية: سمعت رجًا أعرابيًّا بَدَويًّا يقول: سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾، فقرأ [٤]: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ فليقل: آمنت بالله وبما أنزل.
وقد تقدم هذا الحديث في "سورة القيامة".
[آخر تفسير سورة "والمرسلات" ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة]