يقول تعالى مخبرًا عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة، أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله ﷿ -كما قال: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾.
﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾؛ قال مجاهد: زمَرًا زمرًا [١]. قال ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾.
وقال [٢] البخاري (٣): ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾، حدثنا محمد، حدثنا أبو [٣] معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ما بين النفختين أربعون". قالوا: أربعون يومًا؟ قال:"أبيتُ". قالوا: أربعون شهرًا؟ قال:"أبيتُ". قالوا: أربعون سنة؟ قال:"أييتُ". قال:"ثم يُنزلُ الله من السماء ماءً فينبُتُونَ كما ينبتُ البقلُ، ليس من الإِنسان شيءٌ إلا يَبَلَى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عَجْبُ الذنَب، و [٤] منه يُرَكبُ الخلقُ يوم القيامة". ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾، أي: طرقًا ومسالك لنزول الملائكة، ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ كقوله: ﴿وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾، وكقوله: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾.
وقال هاهنا: ﴿فَكَانَتْ سَرَابًا﴾، أي: يخيل إلى الناظر أنها شيءٌ، وليست بشيء، وبعد هذا تَذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر، كما قال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾، وقال: (﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ [٥] الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ زمرًا، حديث (٤٩٣٥) (٨/ ٦٨٩ - ٦٩٠).