للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَرَابًا (٢٤) إلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاءً وفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَينَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إلا عَذَابًا (٣٠)

يقول تعالى مخبرًا عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة، أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله ﷿ -كما قال: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾.

﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾؛ قال مجاهد: زمَرًا زمرًا [١]. قال ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾.

وقال [٢] البخاري (٣): ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾، حدثنا محمد، حدثنا أبو [٣] معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما بين النفختين أربعون". قالوا: أربعون يومًا؟ قال: "أبيتُ". قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: "أبيتُ". قالوا: أربعون سنة؟ قال: "أييتُ". قال: "ثم يُنزلُ الله من السماء ماءً فينبُتُونَ كما ينبتُ البقلُ، ليس من الإِنسان شيءٌ إلا يَبَلَى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عَجْبُ الذنَب، و [٤] منه يُرَكبُ الخلقُ يوم القيامة". ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾، أي: طرقًا ومسالك لنزول الملائكة، ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ كقوله: ﴿وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾، وكقوله: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾.

وقال هاهنا: ﴿فَكَانَتْ سَرَابًا﴾، أي: يخيل إلى الناظر أنها شيءٌ، وليست بشيء، وبعد هذا تَذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر، كما قال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾، وقال: (﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ [٥] الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾.


(٣) أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ زمرًا، حديث (٤٩٣٥) (٨/ ٦٨٩ - ٦٩٠).