للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾، أي: مرصدة مُعَدّة ﴿لِلطَّاغِينَ﴾، وهم: المَرَدة العصاة المخالفون [١] للرسل، ﴿مَآبًا﴾، أي: مرجعًا ومنقلبًا ومصيرًا ونُزُلًا. وقال [٢] الحسن، وقتادة في قوله: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾: يعني: أنه لا يدخل أحد [٣] الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس. وقال سفيان الثوري: عليها ثلاث قناطر.

وقوله: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾، أي: ماكثين فيها أحقابًا، وهي جمع "حُقب"، وهو: المدة من الزمان وقد اختلفوا في مقداره، فقال ابن جرير (٤)، عن ابن حميد، عن مهران، عن سفيان الثوري، عن عَمَّار الدّهنيّ، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي بن أبي طالب لهلال الهَجَري: ما تجدونَ الحُقْبَ في كتاب الله المنزل؟ قال: نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهرًا، كل شهر ثلاثون يومًا، كل يوم ألف سنة.

وهكذا رُوي عن أبي هُرَيرة (٥)، وعبد الله بن عَمرو (٦)، وابن عباس (٧)، وسعيد بن جُبَير، وعَمرو بن ميمون، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والضحاك. وعن الحسن (٨)، والسّدِّي أيضًا: سبعون سنة كذلك. وعن عبد الله بن عمرو: الحُقبُ أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون. رواهما ابن أبي حاتم.

وقال بشير بنُ كعب: ذُكر لي أن الحُقب الواحد ثلاثمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم ألف سنة. رواه ابن جرير (٩) وابن أبي حاتم.

ثم قال ابن أبي حاتم (١٠): ذكر عن عُمَر بن علي بن أبي بكر الأسْفَذْنِيّ، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي في قوله: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾، قال: فالحقب شهر، الشهر ثلاثون يومًا، والسنة


(٤) أخرجه الطبري (٣٠/ ١١)، وهناد في الزهد (٢٢٠) من طريق سفيان به.
(٥) أخرجه الطبري (٣٠/ ١١). وهناد في الزهد (٢١٩) كلاهما من حديث أبي هريرة بنحوه. وزاد السيوطي (٦/ ٥٠٢) نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) ذكره السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر (٦/ ٥٠٣).
(٧) أخرجه الطبري (٣٠/ ١١).
(٨) أخرجه الطبري (٣٠/ ١١ - ١٢).
(٩) تفسير الطبري (٣٠/ ١١).
(١٠) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٥٠٢)، والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف وزاد نسبته إلى ابن عمر العدني في مسنده، وعزاه الهيثمي (٧/ ١٣٦) للطبراني مختصرًا وقال: فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف.