للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد: ﴿دِهَاقًا﴾: الملأى المترعة. وقال مجاهد، وسعيد بن جبير: هي المتتابعة.

وقوله: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا﴾، كقوله: ﴿لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ﴾، أي: ليس فيها كلام لاغ عار عن الفائدة، ولا إثم كذب، بل هي دار السلام، وكل كلام فيها سالم من النقص.

وقوله: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾، أي: هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه، بفضله ومَنِّه وإحسانه ورحمته، ﴿عَطَاءً حِسَابًا﴾، أي: كافيًا وافرًا شاملًا كثيرًا، تقول العرب: أعطاني فأحسبني، أي: كفاني. ومنه: حسبي الله، أي: الله كافي.

﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَال صَوَابًا (٣٨) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَاليتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)

يخبر تعالى عن عظمته وجلاله، وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء.

وقوله: ﴿لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا﴾، أي: لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه، كقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ﴾، وكقوله: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ﴾.

وقول: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾: اختلف المفسرون في المراد بالروح ها هنا، ما هو؟ على أقوال:

أحدها: رواه العوفي، عن ابن عباس: أنهم أرواح بني آدم.

الثاني: هم بنو آدم. قاله الحسن وقتادة [] [١]: هذا مما كان ابن عباس يكتمه.

الثالث: أنهم خَلق من خَلق الله، على صُوَر بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون. قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح، والأعمش.


[١]- في خ: وقال قتادة.