للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابع: هو جبريل. قاله الشعبي، وسعيد بن جبير، والضحاك. ويستشهد لهذا القول بقوله: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ وقال مقاتل بن حيان: الروح: أشرف الملائكة، وأقرب إلى الرب ﷿ وصاحب الوحي.

والخامس: أنه القرآن. قاله ابن زيد، كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا … ﴾ الآية.

والسادس: أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات؛ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ﴾، قال: هو ملك من أعظم الملائكة خلقا.

وقال ابن جرير (١٥): حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا رَوّاد بن الجراح، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: "الروح: في السماء الرابعة هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحة مَلكًا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفًّا وحده". وهذا قول غريب جدًّا.

وقد قال الطبراني (١٦): حدثنا محمد بن عبد الله [بن عرس] [١] المصري، حدثنا وهب [الله ابن روق بن هُبَيرة، حدثنا بشر بن بكر] [٢]، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء، عن عبد الله بن عباس: سمعت رسول الله يقول: "إن لله ملكًا لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل؛ تسبيحه: سبحانك حيث كنت".

وهذا حديث غريب جدًّا، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم.

وتَوَقَّفَ ابن جرير فلم يقطَع بواحد [٣] من هذه الأقوال كلها، والأشبه -والله أعلم- أنهم بنو آدم.

وقوله: ﴿إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾، كقوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلا بِإِذْنِهِ﴾ كما [٤] ثبت في الصحيح: "ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل". وقوله: ﴿وَقَال صَوَابًا﴾، أي: حقًّا، ومن الحق: "لا إله إلا الله"، كما قاله أبو صالح، وعكرمة.


(١٥) تفسير الطبري (٣٠/ ٢٢).
(١٦) - المعجم الكبير (١١/ ٩٥١) (١١٤٧٦). وقال الهيثمي (١/ ٨٥): رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وتفرد به وهب بن رزق، ولم أر من ذكر له ترجمة ا هـ.