للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشعبي، وميمون بن مهران، وأبو صالح، ومن تقدم [١]، ذكرهم: المراد بقوله: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾، يعني: محمدًا، .

وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾، يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريلَ الذي يأتيه بالرسالة عن الله ﷿ على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، ﴿بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾، أي: البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء، وهي المذكورة في قوله: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى﴾، كما تقدم تفسير ذلك وتقريره.

والدليل أن المرادَ بذلك جبريل . والظاهر -والله أعلم- أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء، لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى، وأما الثانية وهي المذكورة في قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾، فتلك إنما ذكرت في سورة النجم، وقد نزلت بعد الإسراء.

وقوله: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيبِ بِضَنِينٍ﴾ [أي: وما محمد علي ما أنزله الله إليه بِظَنِينٍ] [٢]، أي: بمتهم. ومنهم من قرأ [٣] ذلك بالضاد، أي: ببخيل، بل يبذله لكل أحد.

قال سفيان بن عُيَينة: ظنين وضنين سواء، أي: ما هو بكاذب، وما هو بفاجر. والظنين: المتهم، والضنين: البخيل.

وقال قتادة: كان القرآن غيبًا، فأنزله الله على محمد، فما [٤] ضَنَّ به على [٥] الناس، [بل بَلغَه ونشره وبذله لكل من أراده] [٦]. وكذا قال عكرمة، وابن [٧] زيد، وغير واحد. واختار ابن جرير قراءة الضاد.

قلت: وكلاهما متواتر، ومعناه صحيح كما تقدم.

وقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيطَانٍ رَجِيمٍ﴾، أي: وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم، أي: لا يقدر على حمله، ولا يريده [٨]، ولا ينبغي له، كما قال: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)﴾.

وقوله: ﴿فأين تذهبون﴾ أي: فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن، مع ظهوره


[١]- في ز: بعدهم.
[٢]- سقط من ز، خ.
[٣]- في ز: فر.
[٤]- في ز: لما.
[٥]- في ز: عن.
[٦]- سقط من ز.
[٧]- في ز: وأبو.
[٨]- في ز: يدبره.