للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووضوحه، وبيان كونه جاء من عند الله ﷿ -كما قال الصديق لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين، وأمرهم فتلوا عليه شيئًا من قرآن مسيلمة الذي هو في غاية الهذيان والركاكة، فقال: ويحكم. أين يُذهب بعقولكم؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل، أي: من إله (٣٢).

وقال قتادة: [﴿فَأَينَ تَذْهَبُونَ﴾] [١] أي: عن كتاب الله وعن طاعته.

وقوله: ﴿إِنْ هُوَ [٢] إلا ذِكْرٌ لِلْعَالمِينَ﴾، أي: هذا القرآن ذكر لجميع الناس، يتذكرون به ويتعظون، ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾، أي: من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن، فإنه منجاةٌ له وهداية، ولا هداية فيما سواه، ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ﴾، أي: ليست المشيئة موكولة إليكم، فمن شاء اهتدي ومن شاء ضل، بل ذلك كله تابع لمشيئة الله ﷿ ربِّ العالمين.

قال سفيان الثوري (٣٣)، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى: لما نزلت هذه الآية: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾، قال أبو جهل: الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم. فأنزل الله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ﴾.

[آخر تفسير سورة التكوير، ولله الحمد والمنة].

* * *


(٣٢) تقدم مطولًا في سورة يونس، آية: (١٦).
(٣٣) أخرجه الطبري (٣٠/ ٨٤).