للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ أي: تساقطت.

﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: فجر الله بعضها في بعض. وقال الحسن: فجر الله بعضها في بعض، فذهب ماؤها. وقال قتادة: اختلط مالحها بعذبها، وقال الكلبي: ملئت.

﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾، قال ابن عباس: بحثَت. وقال السدي: تبَعثر: تحرك فيخرج من فيها.

﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ أي: إذا كان هذا حصل هذا.

وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾: هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب، حيث قال ﴿الكريم﴾، حتى يقول قائلهم: غره كرمه. بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا بن آدم بربك الكريم -أي: العظيم- حتى أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟ كما جاء في الحديث: "يقول الله يوم القيامة: ابن آدم، ما غرك بي؟ ابن آدم، ماذا أجبتَ المرسلين؟ " (٤).

قال ابن أبي حاتم (٥): حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان [أن عمر] [١] سمع رجلًا يقرأ [٢]: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾، فقال عمر: الجهل.

وقال أيضًا: حدثنا عمر بن شَبَّة [٣]، حدثنا أبو خلف، حدثنا يحيي [٤] البكاء، سمعت ابن عمر يقول وقرأ هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾، قال ابن عمر: غره -واللَّه- جهله.

قال: روي عن ابن عباس والربيع بن خثيم، والحسن مثل ذلك.

وقال قتادة: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾: شيءٌ ما غَرَّ ابن آدم [] [٥]، وهذا العدو الشيطان.

وقال الفضيل بن عياض: لو قال لي: ما غرك بي؟ لقلت: ستورك المرخاة. وقال أبو بكر


(٤) تقدم تخريجه في الحجر، رقم (٧١).
(٥) ورواه سعيد بن منصور كما في "الدر المنثور" (٦/ ٥٣٤) بنحوه.