للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوراق: لو قال لي ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾، لقلت: غرني كرم الكريم.

قال البغوي: وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: ﴿بربك الكريم﴾ دون سائر أسمائه وصفاته، كأنه لقنه الإجابة.

وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل، لأنه إنما أتى باسمه ﴿الكريم﴾، لينبه على أنه لا ينبغي أن يُقَابل الكريم بالأفعال القبيحة، وأعمال السوء.

وحكي البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا: نزلت هذه الآية في الأخنس [١] بن شَريق، ضرب النبي ولم يعاقب في الحالة الراهنة [٢]، فأنزل الله: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾.

وقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾، أي: ما غرك بالرب الكريم ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾، أي: جعلك سَويًّا معتدل القامة منتصبها، في أحسن الهيئات [٣] والأشكال.

قال الإمام أحمد (٦): حدثنا أبو النضر [٤]، حدثنا حَريزُ [٥]، حدثني عبد الرحمن بن مَيسرة، عن جُبَير بن نُفير، عن بُسْر [٦] بن جحَاش القرشي،: أن رسول الله بصق يومًا في كفه، فوضع عليها إصبعه، ثم قال: "قال الله ﷿: ابنَ [٧] آدم، أنَّى تُعجزِني وقد خلقتك من مثل هذه؟ حتى إذا سَوّيتك وعدلتك، مشيت بين بردين وللأرض مَنك وَئيدٌ، فجَمَعت ومَنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلتَ: أتصدقُ، وأنَّى أوان الصدقة".

وكذا رواه ابن ماجة (٧)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن حَريز [٨] بن عثمان به.

قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: وتابعه يحيى بن حمزة، عن ثور بن يزيد، عن عبد الرحمن بن ميسرة.


(٦) تقدم تخريجه في سورة النحل، آية: (٤).
(٧) ينظر الموضع السابق.