للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتْلَى عَلَيهِ آيَاتُنَا قَال أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)

يقول: حقًّا ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾، أي: إن مصيرهم ومأواهم لفي سجين -فعيل من السجن، وهو الضيق- كما يقال: فسيق وشريب وخمير وسكير، ونحو ذلك؛ ولهذا عظم أمره فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ؟﴾، أي: هو أمر عظيم، وسجن مقيم وعذاب أليم.

ثم قد قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة. وقد تقدم في حديث البراء بن عازب (١٣)، في حديثه الطويل: يقول الله ﷿ في روح الكافر: اكتبوا كتابه في سجين. وسجين: هي تحت الأرض السابعة. وقيل: صخرة [١] تحت السابعة خضراء. وقيل: بئر في جهنم.

وقد روى ابن جرير (١٤) في ذلك حديثًا غريبًا منكرًا لا يصح فقال: حدثنا إسحاق بن وهب الواسطي، حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي، حدثنا نصر بن خزيمة الواسوس، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "الفلق [٢]: جب في جهنم مغطى، وأما سجين فمفتوح".

والصحيح أن "سجينًا" مأخوذ من السجن، وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق، [وكل ما تعالى منها اتسع، فإن الأفلاك السبعة كل واحد منها] [٣] أوسع وأعلى من الذي دونه، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها، حتى ينتهي السفول المطلق والمحل الأطيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة، ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.


(١٣) تقدم تخريجه في سورة إبراهيم في تفسير قول الله ﷿: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ آية (٢٧).
(١٤) أخرجه الطبري (٣٠/ ٣٤٩) فذكر أوله. وأخرجه (٣٠/ ٩٥ - ٩٦).