حاضر عن سجين، قال: هي الأرض السابعة، وفيها أرواح الكفار. وساعه عن عليين فقال: هي السماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين. وهكذا قال غير واحد: إنها السماء السابعة.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ يعني: الجنة.
وفي رواية العوفي، عنه: أعمالهم في السماء عند الله. وكذا قال الضحاك.
وقال قتادة: عليون: ساق العرش اليمنى، وقال غيره: عليون: عند سدرة المنتهى.
والظاهر: أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع [١]، ولهذا قال معظمًا أمره ومفخمًا شأنه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ﴾. ثم قال مؤكدًا لما كتب لهم: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾، وهم الملائكة، قاله قتادة.
وقال العوفي عن ابن عباس: يشهد من كل سماء مقربوها.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾، أي: يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم. ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾، وهي: السرر تحت الحجال، ﴿يَنْظُرُونَ﴾، قيل: معناه ينظرون في ملكهم، وما أعطاهم الله من الخير والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد. وقيل: معناه ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ إلى الله ﷿. وهذا مقابلة لما وصف به أولئك الفجار: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾، فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله ﷿ وهم على سررهم وفرشهم، كما تقدم في حديث ابن عمر:"إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أعلاه لمن ينظر إلى الله في اليوم مرتين".
وقوله: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾، أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم، أي: صفة الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة، مما هم فيه من النعيم العظيم.
وقوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾، أي: يسقون من خمر من الجنة. والرحيق: من أسماء الخمر. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد.
قال الإمام أحمد (٢٠): حدثنا حسن، حدثنا زهير، عن سعد أبي المجاهد الطائي، عن عطية بن سعد العوفي، عن أبي سعيد الخدري -أراه قد رفعه إلى النبي ﷺ قال: "أيما مؤمن سقى مؤمنًا شربة على ظمإٍ، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق
(٢٠) المسند (٣/ ١٣ - ١٤) (١١١١٥). وضعفه الترمذي (٢٤٥١) وقد أخرجه من طريق عن عطية، ثم =