للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام أبو عبد الله الشافعي: هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه ﷿ يومئذ.

وهذا الذي قاله الإِمام الشافعي في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾. وكما دلت علي ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم ﷿ في الدار الآخرة، رؤية بالأبصار في عرصات القيامة، وفي روضات الجنان [١] الفاخرة.

وقد قال ابن جرير (١٨): [حدثني محمد بن عمار الرازي] [٢]: حدثنا أبو معمر المنقري، حدثنا عبد الوارث [٣] بن سعيد، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾، قال: يكشف الحجاب، فينظر إليه المؤمنون والكافرون، ثم يحجب عنه الكافرون، وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية. أو كلامًا هذا معناه.

قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾، أي: ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن من أهل النيران، ﴿ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾، أي: يقال لهم ذلك [٤] على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير.

﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾

يقول تعالى: حقًّا ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ﴾، وهم بخلاف الفجار، ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾، أي: مصيرهم إلى عليين، وهو بخلاف سجين.

قال الأعمش (١٩) عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف؛ قال: سأل ابن عباس كعبًا وأنا


(١٨) أخرجه الطبري (٣٠/ ١٠٠) بأخصر من هذا.
(١٩) أخرجه الطبري (٣٠/ ١٠١).