للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثوري -كلاهما- عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله في ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.

﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥) يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)

يقول تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، وذلك يوم القيامة، ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾، أي: استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق ﴿وَحُقَّتْ﴾، أي: وحق لها أن تطيع أمره؛ لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء، وذل له كل شيء.

ثم قال: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾. أي: بسطت، وفرشت ووسعت.

قال ابن جرير (٧) : حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين؛ أن النبيَّ ، قال: "إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه، فأكون أول من يدعى، وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: يا رب، إن هذا أخبرني أنك أرسلته إليَّ؟ فيقول الله ﷿: صدق. ثم أشفع فأقول: يا رب؛ عبادك عبدوك في أطراف الأرض". قال: "وهو المقام المحمود".

وقوله: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾، أي: ألقت ما في بطنها من الأموات، وتخلت منهم. قاله مجاهد، وسعيد، وقتادة، ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ كما تقدم.

وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا﴾ أي: ساع إلى ربك سعيًا، وعامل عملًا، ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾، ثم إنك ستلقى ما عملتَ من خير أو شر. ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي (٨)، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله


(٧) تفسير الطبري (١٥/ ١٤٢) دون قوله: "فأقول: يا رب، عبادك عبدوك في أطراف الأرض".
(٨) مسند الطيالسي (ص ٢٤٢) حديث (١٧٥٦).