للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

: "قال جبريل: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه. واعمل ما شئت فإنك ملاقيه".

ومن الناس من يعيد الضمير على قوله ﴿رَبِّكَ﴾، أي: فملاق [١] ربك، ومعناه: فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك. وعلي هذا فكلا القولين متلازم.

قال العوفي عن ابن عباس: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا﴾. يقول: تعمل عملًا تلقى الله [٢] به، خيرًا كان أو شرًّا.

وقال قتادة: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا﴾: إن كدحك -يا بن آدم- لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوة إلا بالله.

ثم قال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ أي؛ سهلًا. بلا تعسير، أي: لا تحقق عليه جميع دقائق أعماله فإن من حوسب كذلك يهلك لا محالة.

قال الإِمام أحمد (٩): حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله : "من نوقش الحساب عذب". قالت: فقلت: أليس قال الله: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟، قال: "ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب".

وهكذا رواه البخاري (١٠) ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير، من حديث أيوب السختياني به.

وقال ابن جرير (١١): حدثنا ابن وكيع، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو [٣] عامر الخزاز [٤]، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله :


(٩) المسند (٦/ ٤٧) (٢٤٣١١). وابن كثير أورده هنا بالمعنى.
(١٠) صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾، حديث (٤٩٣٩) (٨/ ٦٩٧). وفي كتاب: الرقاق، باب: من نوقش الحساب عذب، حديث (٦٥٣٦) (١١/ ٤٠٠). ومسلم في كتاب: الجنة، باب: إثبات الحساب، حديث (٧٩/ ٢٨٧٦) (١٧/ ٣٠٢). والترمذي في كتاب: صفة القيامة، باب: من نوقش الحساب عذب، حديث (٢٤٢٨) (٧/ ١٤٢). والنسائي في الكبرى في كتاب: التفسير، باب: سورة الانشقاق، حديث (١١٦٥٩) (٦/ ٥١٠). والطبري (٣٠/ ١١٦).
(١١) تفسير الطبري (٣٠/ ١١٦) بنحو هذا اللفظ.