للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾، أي: فماذا يمنعهم من الإِيمان بالله ورسوله واليوم الآخر؟. وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الرحمن وكلامه- وهو هذا القرآن، لا يسجدون إعظامًا وإكرامًا واحترامًا؟ وقوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ أي: من سجيتهم التكذيب، والعناد والمخالفة للحق.

﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾، قال مجاهد وقتادة: يكتمون في صدورهم ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، أي: فأخبرهم -يا محمد- بأن الله ﷿ قد أعد لهم عذابًا أليمًا.

وقوله: ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: هذا استثناء منقطع، يعني لكن الذين آمنوا -أي: بقلوبهم- وعملوا الصالحات بجوارحهم، ﴿لَهُمْ أَجْرٌ﴾، أي: في الدار الآخرة.

﴿غَيرُ مَمْنُونٍ﴾ - قال ابن عباس: غير منقوص، وقال مجاهد والضحاك: غير محسوب.

وحاصل قولهما أنه غير مقطوع، كما قال تعالى: ﴿عَطَاءً غَيرَ مَجْذُوذٍ﴾. وقال السدي: قال بعضهم: ﴿غَيرَ مَمْنُونٍ﴾: غير منقوص. وقال بعضهم: ﴿غَيرَ مَمْنُونٍ﴾ عليهم.

وهذا القول الآخر عن بعضهم قد أنكره غير واحد، فإن [١] الله-﷿ له المنة على أهل الجنة في كل حال وآن ولحظة، وإنما دخولها بفضله ورحمته لا بأعمالهم، فله عليهم المنة دائمًا سرمدًا، والحمد لله وحده أبدًا، ولهذا يلهمون تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾.

[آخر تفسير سورة الانشقاق، ولله الحمد والمنه وبه التوفيق والعصمة].

* * *


[١]- في ز: قال.