للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾، يقول: سبحانك وبلى.

وقال قتادة (١٦): ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾: ذكر لنا أن نبي الله كان إذا قرأها، قال: "سبحان ربي الأعلى".

وقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾، أي: خلق الخليقة وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات.

وقوله: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة [١] والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها.

وهذه الآية كقوله تعالى إخبارًا عن موسى أنه قال لفرعون: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾، أي: قدر قدرًا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله قال: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

وقوله: ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾، أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾، قال ابن عباس: هشيمًا متغيرًا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه.

قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى، أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملًا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل.

وقوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ -أي: يا محمد- ﴿فَلَا تَنْسَى﴾. وهذا إخبار من الله ﷿ ووعد منه له. بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، ﴿إلا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. وهذا اختيار ابن جرير.

وقال قتادة (١٧): كان رسول الله لا ينسى شيئًا إلّا ما شاء الله.

وقيل: المراد بقوله: ﴿فَلَا تَنْسَى﴾ طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما يشاء الله رفعه، فلا عليك أن تتركه.


(١٦) أخرجه الطبري (٣٠/ ١٥١).
(١٧) أخرجه مسلم في كتاب: القدر، باب: حجاج آدم وموسى حديث (١٦/ ٢٦٥٣) (١٦/ ٣١٠).