للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ أي: يعلم ما يجهر له العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

وقوله تعالى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ أي: نسهِّل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعًا سهلًا سمحًا مستقيمًا عدلًا، لا اعوجاج فيه ولا حرج، ولا عسر.

وقوله: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾، أي: ذكر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي (١٨) : ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال (١٩): حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

وقوله: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾، أي: سيتعظ بما تبلغه - يا محمد - من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾، أي: لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه [١]، بل هي مضرة عليه، لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب، وأنواع النكال.

قال الإمام أحمد (٢٠): حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان -يعني التيمي- عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء، فيأخذ الرجل أنصاره [٢] فينبتهم -أو قال: ينبتون- في نهر [الحياء -أو قال] [٣]: الحياة- أو قال: الحيوان -أو قال: نهر الجنة فينبتون- نبات الحبة في حميل السيل" - قال: وقال: النبي : "أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء، [أو قال: تكون صفراء] [٤]، ثم تكون خضراء؟ " - قال: فقال


(١٨) أخرجه مسلم في "مقدمة الصحيح" (١/ ١١٣) لكن الذي في مسلم من حديث ابن مسعود وليس من حديث علي .
(١٩) أخرجه البخاري في كتاب: العلم، باب: من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا، حديث (١٢٧) (١/ ٢٢٥) من حديث علي.
(٢٠) أخرجه أحمد (٣/ ٥) (١١٠٢٩). وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (٨٢٦) من طريق محمد بن بشار ثنا محمد بن إبراهيم بن أبي عدي به. وأخرجه أيضًا - (٨٢٤، ٨٢٥). وعبد بن حميد في المنتخب (٨٦٥). من طرق ثلاثة عن سليمان التيمي به.
وأخرجه مسلم -كتاب الإيمان، باب: إثبات الشفاعة … (٣٠٦، ٣٠٧) - (١٨٥). وابن ماجه - كتاب الزهد، باب: ذكر الشفاعة - (٤٣٠٩).