للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي حازم [١]- حدثني أبي، عن سهل -يعني: ابن سعيد [٢]- أن رسول الله قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". وقرن بن إصبعيه [٣]: الوسطى والتي تلي الإِبهام.

﴿وَلَا تَحَاضُّونَ [٤] عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، يعني: لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، ويحث بعضهم على بعض في ذلك، ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾ يعني: الميراث ﴿أَكْلًا لَمًّا﴾، أي: من أي جهة حصل لهم، من حلال أو حرام، ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَال حُبًّا جَمًّا﴾، أي: كثيرًا- زاد بعضهم: فاحشًا.

﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَاليتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)

يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فقال: ﴿كَلَّا﴾، أي: حقا ﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾، أي: وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال، وقام الخلائق من قبورهم لربهم، ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾، يعني لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد بعد ما يسألون أولي العزم [من الرسل] [٥] واحدًا بعد واحد، فكلهم يقول: لست بصاحب ذاكم، حتى تنتهي النوبة إلى محمد فيقول: "أنا لها، أنا لها". فيذهب فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه [٦] الله في ذلك، وهي أول الشفاعات، وهي المقام المحمود، كما تقدم بيانه في سورة "سبحان". فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا صفوفًا.

وقوله: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾، قال الإِمام مسلم بن الحجاج (١٤) في صحيحه: حدثنا


(١٤) صحيح مسلم في باب: الجنة، باب: في شدة حر نار جنهم، حديث (٢٩/ ٢٨٤٢) (١٧/ ٢٦١).