للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هارون بن إدريس الأصم، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر يعتق على الإِسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بني؛ أراك تعتق أناسًا ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالًا جلداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك؟! فقال: أي أبت؛ إنما أريد - أظنه قال - ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾.

وقوله: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾، قال مجاهد: أي: إذا مات. وقال أبو صالح ومالك، عن زيد بن أسلم: إذا تردَّى في النار.

﴿إِنَّ عَلَينَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إلا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)

قال قتادة: ﴿إِنَّ عَلَينَا لَلْهُدَى﴾، أي: نبين الحلال والحرام. وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى الله. وجعله كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾. حكاه ابن جرير.

وقوله: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ أي الجميع ملكنا وأنا التصرف فيهما.

وقوله: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾، قال مجاهد: أي توهج.

[قال الإِمام أحمد (١٦): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول: سمعت رسول الله يخطب يقول: [أنذركم النار آنذرتكم النار] [١]، أنذرتكم النار" - حتى لو أن رجلًا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا. قال حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه] [٢].


(١٦) المسند (٤/ ٢٧٢) (١٨٤٤٩). قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ١٩٠ - ١٩١): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.