للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى العوفي، عن ابن عباس أنه مسجد نوح الذي على الجودي.

وقال مجاهد: هو تينكم هذا.

﴿وَالزَّيتُونِ﴾، قال كعب الأحبار، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم: هو مسجد بيت المقدس.

قال مجاهد، وعكرمة: هو هذا [١] الزيتون الذي تعصرون.

﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾، قال كعب الأحبار وغير واحد: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾: يعني مكة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وإبراهيم النخعي، وابن زيد، وكعب الأحبار. ولا خلاف في ذلك.

وقال بعض الأئمة: هذه محالٌّ ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبيًّا مرسلًا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار، فالأول: محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم. والثاني: طور سنين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه محمدًا . قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء - يعني الذي كلم الله عليه موسى - وأشرق من ساعير -يعني جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى - واستعلن من جبال فاران -يعني جبال مكة الذي [٢] أرسل الله فيها [٣] محمدًا فذكرهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان؛ ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم بالأشرف منهما.

وقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ﴾، هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل، منتصب القامة، سِوَيّ الأعضاء حَسَنَها.

﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ أي: إلى النار. قاله مجاهد، وأبو العالية، والحسن، وابن زيد، وغيرهم. ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل؛ ولهذا قال: ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.

وقال بعضهم: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾، أي: إلى أرذل العمر. روى هذا عن ابن عباس، وعكرمة، حتى قال عكرمة: من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر. واختار ذلك ابن جرير. ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك؛ لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه، كقوله: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.


[١]- سقط من ت.
[٢]- في ت: التي.
[٣]- في ت: منها.