للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالهَا﴾، يعني: ألقت ما فيها من الموتى. قاله غير واحد من السلف. وهذه كقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ. . .﴾، وكقوله: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤)﴾. وقال مسلم (٥) في صحيحه: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "تلق [١] الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع فيقول: في هذا قمت رحمي. ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئًا".

وقوله: ﴿وَقَال الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾: استنكر أمرها بعد ما كانت قارة ساكنة ثابتة، وهو مستقر على ظهرها، أي: تقلبت الحال، فصارت متحركة مضطربة، قد جاءها من أمر الله ما قد أعده [٢] لها من الزلزال الذين لا محيد لها عنه، ثم ألقت ما في بطها من الأموات من الأولين والآخرين، وحينئذ استنكر الناس أمرها وتبدلت الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار.

وقوله: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾: تحدث بما عمل العاملون علي ظهرها.

قال الإِمام أحمد (٦): حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن المبارك- وقال الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي، واللفظ له: حدثنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله هذه الآية: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾، قال: "أتدرون ما أخبارها؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا، [يوم كذا وكذا] [٣]. فهذه أخبارها".

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وفي معجم الطبراني (٧) من حديث ابن لهيعة: حدثني الحارث بن يزيد -سمع ربيعة


(٥) صحيح مسلم في كتاب: الزكاة، باب: الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، حديث (٦٢/ ١٠١٣) (٧/ ١٣٦).
(٦) المسند (٢/ ٣٧٤). والترمذي في كتاب: التفسير، باب: ومن سورة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالهَا (١)﴾، حديث (٣٣٥٠) (٩/ ٨٠ - ٨١). والنسائي في الكبرى في كتاب: التفسير، باب: "سورة الزلزلة"، حديث (١١٦٩٣) (٦/ ٥٢٦).
(٧) معجم الطبراني في "الكبير" (٥/ ٦٥) (٤٥٩٦). قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٤٦): وفيه =