للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني فذهب إلى علي وهو عند سقاية زمزم، فسأله عن ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١)﴾، فقال: سألت عنها أحدًا قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عباس فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله. قال: اذهب فادعه لي. فلما وقف على رأسه قال [١]: تفتي الناس بما لا علم لك، والله لئن كان أول غزوة في الإِسلام بدر، وما كان معنا إلا فرسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحًا، إنما العاديات ضبحًا من عرفة إلي المزدلفة، ومن المزدلفة إلي منى.

قال ابن عباس: فنزعت عن قولي، ورجعت إلى الذي قال علي .

وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال: قال علي: إنما ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ من عرفة إلي المزدلفة، فإذَا أووا إلي المزدلفة أوروا النيران. وقال العوفي عن ابن عباس: هي الخيل.

وقد قال بقول علي: إنها الإِبل، جماعة منهم: إبراهيم، وعبيد بن عمير؛ وبقول ابن عباس آخرون، منهم: مجاهد وعكرمة، وعطاء وقتادة والضحاك. واختاره ابن جرير.

قال ابن عباس وعطاء: ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب.

وقال ابن جريج، عن عطاء: سمعت ابن عباس يصف الضبح: أح أح. وقال أكثر هؤلاء في قوله: ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾، يعني: بحوافرها. وقيل: أسعرن الحرب بين [٢] ركبانهن. قاله قتادة. وعن ابن عباس ومجاهد: ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ يعني: مكر [٣] الرجال. وقيل: هو إيقاد النار إذا رجعوا إلي منازلهم من الليل.

وقيل: المراد بذلك نيران القبائل. وقال من فسره بالخيل: هو إيقاد النار بالمزدلفة.

قال ابن جرير: والصواب الأول: [أنها الخيل حين] [٤] تقدح بحوافرها.

وقوله: ﴿فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا﴾ قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني إغارة الخيل صبحًا في سبيل الله. وقال من فسرها بالإِبل: هو الدفع صبحًا من المزدلفة إلى منى.

وقالوا كلهم في قوله: ﴿فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا﴾: هو المكان الذي إذا [٥] حلت فيه أثارت به الغبار إما في حج أو غزو.

وقوله: ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾، قال العوفي، عن ابن عباس، وعطاء، وعكرمة،


[١]- في ز: فقال.
[٢]- في ز: من.
[٣]- في ز: بكر.
[٤]- في ز: "إنه الخيل حتى".
[٥]- سقط من ز، خ.