للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خثعم عرض [١] له نفيل بن حبيب الخثعمي في قومه: شهران [٢] وناهس، فقاتلوه، فهزمهم أبرهة، وأسر نفيل بن حبيب، فأراد قتله ثم عفا عنه، واستصحبه معه ليدله في بلاد الحجاز. فلما اقترب من أرض الطائف خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم الذي عندهم الذي يسمونه اللات. فأكرمهم وبعثوا معه "أبا رغال" دليلًا. فلما انتهى أبرهة إلى المغمس، وهو قريب من مكة، نزل به، وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها، فأخذوه. وكان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب، وكان الذي أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة، وكان يقال له: "الأسود بن مفصود" فهجاه بعض العرب -فيما ذكره ابن إسحاق- وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدوه عن البيت. فجاء حناطة فدُل على عبد المطلب بن هاشم [٣]، وبلغه عن أبرهة ما قال: فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخلي بينه وبينه، فوالله ما عندنا دفع عنه. فقال له حناطة: فاذهب معي إليه. فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجلّه، وكان عبد المطلب رجلًا جميلًا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، ونزل [٤] معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له: حاجتك؟ فقال للترجمان: إن حاجتي أن يرد عليّ الملك مائتي بعير أصابها لي. فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد [٥] كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟! فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإِبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع مني! قال: أنت وذاك.

ويقال: إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على أبرهة ثلث [٦] أموال تهامة على أن يرجع عن البيت، فأبى عليهم، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله، ورجع عبد المطلب إلى قريش، فأمرهم بالخروج من مكة، والتحصن في رءوس الجبال، تخوفًا عليهم بن معرة الجيش. ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده، وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:

لاهُمَّ [٧] إِنَّ المرْءَ يَمْـ … ـنَعُ رَحْلَهُ [] [٨] فَامْنَعْ حلَالكْ

لا يَغْلبَن صَليبَهُم … ومِحَالُهُم غَدْوًا [٩] مِحالُك


[١]- في ز: فعرض.
[٢]- في ز، خ: شهدان.
[٣]- سقط ز: هشام.
[٤]- في ت: وجلس.
[٥]- سقط من ز.
[٦]- سقط من خ.
[٧]- في ز، خ: اللهم.
[٨]- في ز، خ: وحلاله.
[٩]- في ز، خ: عذرًا.