للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصيل يجزُّ [١] للدواب. وكذلك قال الحسن البصري. وعن ابن عباس: العصف: القشرة التي على الحبة، كالغلاف على الحنطة.

وقال ابن زيد: العصف: ورق الزرع، وورق البقل، إذا أكلته البهائم فراثته، فصار دَرينا.

والمعنى أن الله أهلكهم ودمرهم، وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرًا، وأهلك عامتهم، ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح، كما جرى لملكهم أبرهة، فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء، وأخبرهم بما جرى لهم، ثم مات. فملك بعده ابنه يكسوم، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة، ثم خرج سيف بن ذي يزن الحميري إلى كسرى فاستغاثه على الحبشة، فأنفذ معه من جيرشه فقاتلوا معه، فرد الله إليهم ملكهم، وما كان في آبائهم من الملك، وجاءته وفود العرب للتهنئة.

وقد قال محمد بن إسحاق (٧): حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عائشة؛ قالت: لقد رأت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين، يستطعمان. ورواه الواقدي، عن عائشة مثله. ورواه أيضًا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: كانا مقعدين يستطعمان الناس، عند إساف ونائلة، حيث يذبح المشركون ذبائحهم.

قلت: كان اسم قائد الفيل أنيسًا.

وقد ذكر الحافظ أبو نعيم (٨) في كتاب "دلائل النبوة"من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل، ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن، وإنما بعث علي الجيش رجلًا يقال له: [شمر] [٢] بن مفصود، وكان الجيش عشرين ألفًا، وذكر أن الطير طرقتهم ليلًا؛ فأصبحوا صرعى.

وهذا السياق غريب جدًّا، وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه علي غيره. والصحيح أن أبرهة الأشرم الحبشي قدم مكة كما دل في ذلك السياقات والأشعار. وهكذا روى ابن لهيعة، عن الأسود، عن عروة؛ أن أبرهة بعث الأسود بن مفصود على كتيبة معهم الفيل، ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه. والصحيح قدومه، ولعل ابن مفصود كان علي مقدمة الجيش، والله أعلم.

ثم ذكر ابن إسحاق شيئًا من أشعار العرب، فيما كان من قصة أصحاب الفيل (٩)، فمن ذلك شعر عبد الله بن الزِّبَعرَى [] [٣]:


(٧) سيرة ابن هشام (١/ ٣٧).
(٨) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ١٠١) وما بعدها.
(٩) السيرة النبوية (١/ ٣٨) وما بعدها.