للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السماوات السبع، وإن لكل شيء زينة، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة.

وهكذا رواه الحاكم (٢١) في المستدرك من حديث إسرائيل بن حاتم به.

وعن عطاء الخراساني، [﴿وَانْحَرْ﴾ أي،] [١]: ارفع صلبك بعد الركوع واعتدل، وأبرز نحرك، يعني به الاعتدال. رواه ابن أبي حاتم.

[وكل هذه الأقوال غريبة جدًّا] [٢]. والصحيح القول الأول: أن المراد بالنحر ذبح المناسك؛ ولهذا كان رسول اللَّه يصلي يوم [٣] العيد ثم ينحر نسكه ويقول: "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك. ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له". فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول اللَّه؛ إني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم. قال: "شاتك شاة لحم". قال: فإن عندي عناقًا هي أحب إِليَّ من شاتين، أفتجزئ عنّي؟ قال: "تجزئك، ولا تجزئ أحدًا بعدك" (٢٢).

قال أبو جعفر بن جرير: والصواب قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصًا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان، شكرًا له على ما أعطاك من الكرامة والخير، الذي لا كِفَاءَ له، وخصك به.

وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وقد سبقه إلى هذا المعنى: محمد بن كعب القرظي وعطاء.

وقوله: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، أي: إن مبغضك -يا محمد- ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره.

قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة: نزلت في العاص بن وائل.

وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان؛ قال: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول اللَّه يقول: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره. فأنزل اللَّه هذه السورة. وقال شمر بن عطية: نزلت في عقبة بن أبي معيط.


(٢١) المستدرك (٢/ ٥٣٧ - ٥٣٨). وتعقبه الذهبي بأن فيه إسرائيل صاحب عجائب لا يعتمد عليه، وأصبغ شيعي متروك عند النسائي.
(٢٢) أخرجه البخاري في كتاب: العيدين، باب: الأكل يوم النحر، حديث (٩٥٥) (٢/ ٤٤٧). ومسلم في كتاب: الأضاحي، باب: وقتها، حديث (١٩٦١). كلاهما من حديث البراء به نحوه.