للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخضر عن خباب، رسول اللَّه كان إذا أخذ مضجعه قرأ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ حتى يختمها [واللَّه أعلم] [١].

﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)

هذه السورة سورة البراءة من [٢] العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص فيه، فقوله: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ شمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن المواجهين [٣] بهذا الخطاب هم كفار قريش.

وقيل: إنهم من جهلهم دعوا رسول اللَّه عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل اللَّه هذه السورة، وأمر رسوله فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية، فقال: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ يعني من الأصنام والأنداد، ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، وهو اللَّه وحده لا شريك له. فـ "ما" هاهنا بمعنى "من".

ثم قال: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، أي: ولا أعبد عبادتكم، أي: لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد اللَّه على الوجه الذي يحبه ويرضاه؛ ولهذا قال: ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، أي: لا تقتدون بأوامر اللَّه وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئًا من تلقاء أنفسكم، كما قال: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾، فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه، فإن العابد لا بد له من معبود يعبده، وعبادة يسلكها إليه، فالرسول وأتباعه يعبدون اللَّه بما شرعه، ولهذا كان كلمة الإِسلام [٤] "لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه"، أي: لا معبود إلا اللَّه ولا طريق إليه إلا بما جاء به الرسول ، والمشركون يعبدون غير اللَّه عبادة لم يأذن بها اللَّه؛ ولهذا قال لهم الرسول : ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ [٥] كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا


[١]- سقط من ت.
[٢]- في ز: في.
[٣]- في ز: المواجهون.
[٤]- في خ: الإخلاص.
[٥]- في ز: فإن.