للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يذهب ولا يجئ، إلا قال: "سبحان الله وبحمده". فقلت: يا رسول الله، إنك تكثر من سبحان الله وبحمده، لا تذهب ولا تجئ، ولا تقوم ولا تقعد إِلا قلت: "سبحان اللَّه وبحمده"؟ قال: "إني أمرت بها"، فقال: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح … ﴾ إلى آخر السورة. غريب، وقد كتبنا حديث كفارة المجلس من جميع طرقه وألفاظه في جزء مفرد، فيكتب هاهنا.

وقال الإمام أحمد (٢٠): حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله؛ قال: لما نزلت على رسول الله : ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾، كان يكثر إذا قرأها -وركع- أن يقول: "سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك، اللَّهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم". ثلاثًا. تفرد به أحمد. ورواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن عمرو بن مرة، عن شعبة، عن أبي إسحاق به.

والمراد بالفتح هاهنا فتح مكة قولًا واحدًا، فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبي. فلما فتح اللَّه عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجًا، فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانًا، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإِسلام، ولله الحمد والمنة.

وقد روى البخاري (٢١) في صحيحه، عن عمرو بن سلمة قال: لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله ، وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة، يقولون: دعوه وقومه، فإن ظهر عليهم فهو نبي .. الحديث. وقد حررنا غزوة الفتح في كتابنا: "السيرة"، فمن أراد [١] فليراجعه هناك، ولله الحمد والمنة.

وقال الإِمام أحمد (٢٢): حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، حدثني أبو عمار، حدثني جار لجابر بن عبد الله؛ قال: قدمت من سفر فجاءني جابر بن عبد الله، فسلم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس، وما أحدثوا فجعل جابر يبكي، ثم قال: سمعت رسول الله ؛ يقول: "إن الناس دخلوا في دين الله أفواجًا، وسيخرجون منه أفواجًا".

[آخر تفسير سورة النصر، ولله الحمد]


(٢٠) مسند أحمد (١/ ٣٨٨) (٣٦٨٣).
(٢١) صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: (٥٣)، حديث (٤٣٠٢) (٨/ ٢٢).
(٢٢) مسند أحمد (٣/ ٣٤٣) (١٤٧٣٨). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٨٤): رواه أحمد وجابر -كذا قال ولعل الصواب جار جابر- لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. ا هـ.