للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿الَّذِي يُوَسْوسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، هل يختص هذا ببني آدم -كما هو الظاهر- أو يعمّ بني آدم والجن؟ فيه قولان، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبًا.

وقال ابن جرير: وقد استعمل فيهم ﴿بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ فلا بدع في إطلاق الناس عليهم.

وقوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾، هل هو تفصيل لقوله ﴿الَّذِي يُوَسْوسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، ثم بينهم فقال: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ وهذا يقوي القول الثاني.

وقيل: قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾، تفسير للذي يُوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾، وكما قال الإمام أحمد (٦١):

حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، حدثنا أبو عُمر الدمشقي، حدثنا عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله وهو في المسجد، فجلست، فقال: "يا أبا ذر، هل صليت؟ ". قلت: لا. قال: "قم فصل". قال: فقمت فصليت، ثم جلست فقال: "يا أبا ذر، تعوذ بالله من شر [١] شياطين الإنس والجن".

قال [٢]: قلت: يا رسول الله، وللإنس شياطين؟ قال: "نعم". قال: قلت: يا رسول الله، الصلاة؟ قال: "خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر". قلت: يا رسول الله. فالصوم؟ قال: "فرض مجزئ [٣]، وعند الله مزيد [٤] ".

قلت: يا رسول الله، فالصدقة؟ قال: "أضعاف مضاعفة". قلت: يا رسول الله، فأيها [٥] أفضل؟ فقال [٦]: "جُهد من مُقل، أو سرّ إلى فقير". قلت: كما رسول الله، أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، ونبي [٧] كان؟ قال: "نعم، نبي مكلم [٨] ". قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر، جمًّا غفيرًا". وقال مرة؟: "خمسة عشر" - قلت: يا رسول الله، أيما أنزل عليك أعظم؟ قال: "آية الكرسي: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾.

ورواه النسائي (٦٢)، من حديث أبي عمر الدمشقي، به. وقد أخرج هذا الحديث مطولًا جدًّا


(٦١) - المسند (٥/ ١٧٨) وأخرجه أيضًا (٥/ ١٧٩) من طريق يزيد عن المسعودي به.
(٦٢) - سنن النسائي مقتصرًا على ذكر الاستعاذة فقط (٨/ ٣١٦) كتاب الاستعاذة.