للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقويني علي بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت له بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه" قال: فأنا أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس. قال: فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر، حتى أبدى له [١] أُسًّا نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعًا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه. فلما قتل ابن الزبير؛ كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء [على أسّ] [٢] نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاده في طوله فأقره. وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسدّ الباب الذي فتحه فنقضه، وأعاده إلى بنائه.

وقد رواه النسائي في سننه (٨٢٧)، عن هناد، عن يحيى بن أبي زائدة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن الزبير، عن عائشة بالمرفوع منه، ولم يذكر القصة، وقد كانت السنة إقرار ما فعله عبد الله بن الزبير [٣]، لأنه هو الذي ودّه رسول الله، ، ولكن خشي أن تنكره [٤] قلوب بعض الناس؛ لحداثة عهدهم بالإِسلام، وقرب عهدهم من الكفر، ولكن خفيت هذه السنة على عبد الملك بن مروان، ولهذا لما تحقق ذلكَ عن عائشة؛ أنها روت ذلك عن رسول الله، ، قال: وددنا أنا تركناه وما تولى.

كما قال مسلم (٨٢٨): حدّثني محمَّد بن حاتم، حدَّثنا محمَّد بن بكر، أخبرنا ابن جريج [٥]، سمعت عبد الله بن عُبَيد بن عمير، والوليد بن عطاء، يحدثان عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال عبد الله بن عبيد: وَفَدَ الحارث بن [عبد الله] [٦] على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خُبَيب -يعني: ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها، قال الحارث: بلى، أنا سمعته منها. قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله، : "إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك، أعدت ما تركوا منة، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه، فَهَلُمِّي لأرِيكِ


(٨٢٧) - سنن النسائي، كتاب المناسك، باب: الحجر (٥/ ٢١٨).
(٨٢٨) - صحيح مسلم في الحج، برقم ٤٠٣ - (١٣٣٣).