للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي حاتم (٨٣٥): حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن رجاء بن حيان الحصني القرشي، حدثنا معقل بن عبيد الله، عن عبد الكريم ﴿وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ لَكَ﴾، قال: مخلصين لك ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ قال: مخلصة.

وقال أيضًا (٨٣٦): حدثنا علي بن الحسين، أخبرنا [١] المُقدمي، حدثنا سعيد بن عامر، عن سلام بن أبي مطيع في هذه الآية: ﴿وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ﴾، قال: كانا مسلمين، ولكنهما سألاه الثبات.

وقال عكرمة: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ لَكَ﴾ قال الله: قد فعلت ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ قال الله: قد فعلت. وقال السدي: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ يعنيان: العرب.

و [٢] قال ابن جرير: والصواب أنه يعم العرب وغيرهم؛ لأن من ذرية إبراهيم بني إسرائيل، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾.

(قلت): وهذا الذي قاله ابن جرير لا ينفيه السدي، فإن تخصيصهم بذلك لا ينفي من عداهم، والسياق إنما هو في العرب، ولهذا قال بعده: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ الآية. والمراد بذلك محمَّد ، وقد بعث فيهم، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ ومع هذا لا ينفي رسالته إلى الأحمر والأسود؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جَمِيعًا﴾ وغير ذلك من الأدلة القاطعة.

وهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل ، كما أخبرنا الله تعالى عن عباده المؤمنين المتقين، في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾. وهذا القدر مرغوب فيه شرعًا، فإن من تمام محبة عبادة الله تعالى، أن يُحب أن يكون من صُلبه من يعبد الله وحده لا شريك له؛ ولهذا لما قال الله تعالى لإبراهيم : ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ قال: ﴿قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. وهو قوله: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، وقد ثبت في صحيح مسلم (٨٣٧)، عن أبي هريرة ، عن النبي أنه قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".


(٨٣٥) - ابن أبي حاتم برقم ١٢٥٥ - (١/ ٣٨٥). وإسماعيل بن رجاء: ثقة.
(٨٣٦) - ابن أبي حاتم برقم ١٢٥٣ - (١/ ٣٨٤). وسلام ثقة، في روايته عن قتادة ضعف.
(٨٣٧) - رواه مسلم في الوصية برقم ١٤ - (١٦٣١).