للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشر فيتقوه، ويخبرهم برضا الله عنهم إذا أطاعوا [١]؛ ليستكثروا [٢] من طاعته، ويجتنبوا [٣] ما يسخطه [٤] من معصيته.

وقوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي: العزيز الذي لا يعجزه شيء، وهو قادر على كل شيء، الحكيمُ في أفعاله وأقواله، فيضع الأشياءَ في محالها؛ لعلمه وحكمته وعدله.

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَينَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَال لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)

يقول ردًّا [على الكفار] [٥] فيما ابتدعوه وأحدثوه من الشرك بالله، المخالف لملة إبراهيم الخليل إمام الحنفاء؛ فإنه جرد توحيد ربه ، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عين، وتبرأ من كل معبود سواه، وخالف في ذلك سائر قومه، حتى تبرأ من أبيه فقال ﴿يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، [أو قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾] [٦] وقال تعالى ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَينَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ولهذا وأمثاله قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ أي: عن طريقته ومنهجه، فيخالفها ويرغب عنها ﴿إلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ أي ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق إلى الضلال، حيث خالف طريق من اصطفي في الدنيا للهداية والرشاد من حداثة سنه، إلى أن اتخذه الله خليلًا وهو في الآخرة من الصالحين السعداء، [فمن ترك] [٧] طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طرق الضلالة والغي، فأي سفه أعظم من هذا؟ أم أي ظلم أكبر من هذا كله [٨]؟؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ


[١]- في خ: "أطاعوه".
[٢]- في خ: "واستكثروا".
[٣]- في خ: "وتجنبوا".
[٤]- في خ: "السخط".
[٥]- ما بين المعكوفتين في خ: مكررة.
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٧]- ما بين المعكوفتين في خ: "فترك".
[٨]- سقط من: خ.