الله، وينظر إلى السماء، فأنزل الله ﷿: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾. أي نحوه فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة، وحاصل الأمر: أنه قد كان رسول الله ﷺ أمِرَ باستقبال الصخرة من بيت المقدس، فكان بمكة يصلي بين الركنين، فتكون [١] بين يديه الكعبة، وهو مستقبل صخرة بيت المقدس، فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما، فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس، [قاله ابن عباس، والجمهور.
ثم اختلف هؤلاء هل كان الأمر به بالقرآن أو بغيره؟ على قولين: وحكى القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري: أنّ التوجه إلى بيت المقدس، كان باجتهاده ﵇.
والمقصود: أنّ التوجه إلى بيت المقدس بعد مقدمه ﷺ المدينة] [٢]، واستمرّ [٣] الأمر على ذلك بضعة عشر شهرًا، وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة، التي هي قبلة إبراهيم ﵇ فأجيب إلى ذلك، وأمر بالتوجه إلى البيت العتيق، فخطب رسول الله ﷺ الناسَ فأعلمهم [٤] بذلك، وكان أوّل صلاة صلاها إليها صلاة العصر، كما تقدم في الصحيحين، من رواية البراء.
ووقع عند النسائي (٨٦٠) من رواية أبي سعيد بن المعلى أنها الظهر. وقال:[كنت أنا وصاحبي أوّل من صلى إلى الكعبة.
وذكر غير واحد من المفسرين، وغيرهم، أن تحويل القبلة نزل على رسول الله، وقد صلى ركعتين من الظهر، وذلك في مسجد بني سلمة فسمي مسجد القبلتين، وفي حديث نويلة بنت مسلم، أنهم جاءهم الخبر بذلك في صلاة الظهر، قالت: فتحوّل الرجالُ مكان النساءِ، والنساءُ مكانَ الرجالِ. ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري] [٥].
وأما أهل قباء فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني، كما جاء في الصحيحين،