للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله لها، وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين".

وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيدًا﴾ يقول تعالى: إنما حوّلناكم إلى قبلة إبراهيم واخترناها لكم، لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم؛ لأن الجميع معترفون لكم بالفضل، والوسط هاهنا الخيار والأجود، كما يقال [قريش] [١]: أوسط العرب نسبًا ودارًا، أي: خيرها.

وكان رسول الله وسطا في قومه، أي أشرفهم نسبًا، ومنه الصلاة البرسطى التي هي أفضل الصلوات، وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها، ولما جعل الله هذه الأمّه وسطًا، خصها بأكمل الشرائع، وأقوم المناهج، وأوضح [٢] المذاهب، كما قال تعالى: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾.

وقال الإمام أحمد (٨٦٣): حدَّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسدم: "يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمّته. قال: فلذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾. قال: " [الوسط] [٣] العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم".

رواه البخاري (٨٦٤)، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من طرق عن الأعمش.

وقال الإمام أحمد أيضًا (٨٦٥): حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي


(٨٦٣) - صحيح، وهو في المسند ١١٢٩٩ - (٣/ ٣٢).
(٨٦٤) - أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب: قول الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِه﴾ (٣٣٣٩)، وكتاب التفسير باب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا … ﴾ (٤٤٨٧)، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (٧٣٤٩). والترمذي في كتاب تفسير القرآن برقم (٢٩٦١). والنسائي في الكبرى في كتاب التفسير برقم (١١٠٠٧) (٦/ ٢٩٢). وابن ماجه في كتاب الزهد باب: صفة أمة محمد برقم (٤٢٨٢).
(٨٦٥) - صحيح، وهو في المسند ١١٥٧٤ - (٣/ ٥٨).