للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان، فإنه قد فُسر في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة؛ فإنها شارحةٌ للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى: كل ما حكم به رسول الله، ، فهو مما فهمه من القرآن.

قال الله تعالى: ﴿إنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾. وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الذِّكْرَ [١] لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ إلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

ولهذا قال رسول الله، : "ألا إني أوتيت القرآن وحله معه". (٥) يعني السنة. والسنة أيضًا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن. وقد استدل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.

والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسدم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ ". قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ ". قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد [٢]؟ ". قال: أجتهد برأي. قال: فضرب رسول الله في صدره وقال: (الحمد لله الذي وفق [رسول] [٣] رسول الله لما يوضي رسوله الله" (٦).


(٥) - رواه أبو داود في كتاب السنة، باب: في لزوم السنة (٤/ ٢٠٠) حديث (٤٦٠٤)، من ظريق عبد الوهاب بن نجدة، ثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف، عن المقدام بن معدي كرب، به. ورواه أحمد حديث ١٧٢٢٣ - (٤/ ١٣٠) من حديث يزيد بن هارون، عن حريز، به، ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٨٩).
(٦) - رواه أبو داود في الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء برقم (٣٥٩٢)، والترمذي في الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي برقم (١٣٢٧)، ورواه أحمد ٢٢١٠٥، ٢٢١٩٩ (٥/ ٢٤٢، ٢٣٠)، ورواه الدارمي في المقدمة برقم (١٧٠)، والدارقطني، جميعهم من طريق أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي -ثقة- عن عمرو بن الحارث -مجهول- عن رجال من أصحاب معاذ، به. وقال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل. =