للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مجاهد (٤): [يعني] [١] الإنس والجن. فهو صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى جميع الثقلين: الإنس والجن، مبلغًا لهم عن الله تعالى ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم [فيه] [٢] إلى تفهمه، فقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾. وقال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.

فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام اللَّه، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ [٣] لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [٤] فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله [إليهم] [٥]، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.

فعلينا أيها المسلمون أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أُمرنا به من تعلم كتاب اللَّه المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَال عَلَيهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُون (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْييِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾. ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها- تنبيهٌ على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالإيمان [والهدى] [٦] بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسئول أن يفعل بنا ذلك [٧] إنه جواد كريم.


= وقال: رواه أحمد متصلًا ومرسلًا والطبراني ورجاله رجال الصحيح. ورواه أحمد من حديث أبي ذر برقم ٢١٣٧٩ - (٥/ ١٤٥) وأطرافه (٢١٣٩٤، ٢١٥١٥). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٥٩) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٤) - أورده أحمد من طريق الأعمش عنه عقب الحديث ٢١٣٧٩ - (٥/ ١٤٥).