للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ، والله أعلم.

وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين فقال: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه [١] تكلف ما لا علم له به، والله أعلم.

ولهذا تحرّج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مرّة، عن أبي معمر [٢]؛ قال: قال أبو بكر الصدّيق (٢٥) : أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب الله بما لا [٣] أعلم.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (٢٦): ثنا محمد [٤] بن يزيد، عن العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي أنّ أبا بكر الصدّيق سئل عن قوله [تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني، إذا [٥] أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم … منقطع.

وقال أبو عبيد أيضًا (٢٧): ثنا يزيد، عن حميد، عن أنس؛ أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر] [٦] ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؛ ثم رجع إلى نفسه فقال: إنّ هذا لهو التكلف يا عمر.

وقال [عبد بن حميد (٢٨)] [٧]: ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس؛ قال: كنا عند عمر بن الخطاب وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ:


(٢٥) - رواه الطبري في تفسيره ٧٩ - (١/ ٧٨). أبو معمر: هو عبد الله بن سخبرة -تابعي ثقة- أرسل الحديث عن أبي بكر الصديق .
(٢٦) - فضائل القرآن (ص ٢٢٧) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٥١٣) عن محمد بن عبيد، عن العوام بن حوشب، به.
(٢٧) - فضائل القرآن (ص ٢٢٧) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٥١٢) عن يزيد، به، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٤) من طريق يزيد عن حميد، به، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٢٨) - رواه أبو نعيم في مستخرجه من حديث سليمان بن حرب، به مثله سواء، ورواه ابن سعد =