للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون المكلف" أطاع الخ وهذا لا يحتمله المقام لأن النفي مغي بالبعثة والغاية لأحوال عامة مستفاد عمومها من حذف متعلق قوله معذبين وبه يظهر الاستغناء عن المقدمة الأولى وهي لو كلفوا لتركوا الخ لأن العموم والسياق وهو ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير يعينان أن المراد التعذيب على ترك ما كلفوا به لا على أصل التكليف. وأما المقدمة الثانية فحاصلها لبيان الملازمة بين ترك ما كلفوا به وتعذيب الله إياهم على ذلك ليتم بذلك كون التعذيب لازماً للتكليف في الجملة بواسطة كونه لازماً للترك وهي غير وافية بالمراد لأن مراده أن الملازمة بين الأمرين معلومة من استقصاء الشريعة الدال على أن العصيان سبب العقوبة وقد يمنعه الخصم فيدعي أنه سبب للعقاب بعد البعثة أما قبلها فإنه سبب ترتب الذم والتعزير لأن المعتزلة مع قولهم بالحسن والقبح يعترفون بأن الثواب والقعاب لا يتلقيان إلا من قبل الشرع ولكن ذلك لا يمنع من زجر المفسد على فساده والثناء على صلاح الصالح ولهذا يجمع أصحابنا في ردهم عليهم بين الأمرين كما قال ابن الحاجب وابن السبكي "وبمعنى ترتب الثواب والعقاب آجلاً والمدح والذم عاجلاً شرعي" فلذلك عدلت أنا في بيان وجه الملازمة إلى ما يوافق عليه الخصم وهو لزوم العبث بناء على مذهبه في حكمة الله. وبعد فإن هاتين المقدمتين إنما يدفع بهما السند الأول للمنع وهو الذي أشار له المصنف بقوله "لاحتمال أن يكون المكلف أطاع" وأما السند الثاني المشار إليه بقوله "أو يكون عصى غير أن العذاب الخ" فلم يدفعه المص بشيء وقد علمت أنه محط المنع فكان أجدر بالدفع. والظاهر أن المصنف استغنى عن دفعه بدفع الأول لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>