كان أصله المنع وإن لم يسبق نص يقتضي منعه نظراً لذلك (قوله ثم استقراء النصوص بعد هذا من الكتاب والسنة يحكم بين الفرق الخ) ما من نص إلا وقد يرد عليه أن القرائن هي التي دلت على حكمه الخاص الذي يريد المحتج إثباته فالتحقيق أن وجه الاحتجاج في هاته المسألة هو النظر المستمد من مقاصد الشريعة كما قدمناه وكما يقرب منه قول المصنف "وتقرير هذا الفصل".
[الفصل الثالث في عوارضه]
أي في ذكر ما يطرأ عليه أو على مقتضاه فإن نسخ الوجوب وإن لم يطرأ على الأمر لكن على مقتضاه إذ الوجوب مستفاد من الأمر (قوله إذا نسخ الوجوب يحتج به على الجواز الخ) الاستدلال على هاته المسألة نظير الاستدلال على ورود الأمر بعد الحظر فإن الواجب لما يتضمنه من المصلحة لا ينسخ إلى حرمة. وبعض أصحابنا منهم القاضي عبد الوهاب كبعض الشافعية منعوا ذلك أي لم يسلموا تعين الجواز وسند منعهم أن نسخ الوجوب هو رفعه وذلك صادق بالحرمة ولم يعينوا الحرمة ولهذا قال المص منعوا دون أن يقول خالفوا أو عكسوا. نعم أن قولهم هنا يستلزم الحمل على الحرمة عند التردد احتياطاً لأنه لو فرض الندب والإباحة لم يكن في تركهما ضير بخلاف فرض التحريم فإن في فعله أثماً. والجواب أن احتمال التحريم ضعيف لما تقدم من الدليل هنا وفي الفصل قبله وإذا لم تتساو الاحتمالات ورجح بعضها على بعض فقد بطل التعارض فزال موجب الوقف والاحتياط وبهذا نجمع بين حديث