المعهود (قوله فكل حكم شرعي ثابت بالإجماع الخ) أصل هذا السؤال للقاضي أبي بكر الباقلاني وأصل الجواب عنه لإمام الحرمين في البرهان قال "أن المجتهد إذا ظن الحكم وجب عليه اتباع ظنه للدليل القائم على وجوب اتباع الظن وهو الإجماع فالحكم مقطوع به والظن في طريقه". واختلفت عبارات المتأخرين في تقرير جواب إمام الحرمين: وحاصلها يرجع إلى ما هنا. وهو كلام غير تام منشؤه اشتباه الحكم المستنبط في آحاد المسائل بالحكم العام الذي هو وجوب اتباع المجتهد لما أداه إليه اجتهاده وذلك هو المعلوم المقطوع به أما كون حكم الله الثابت في آحاد المسائل الذي هو مختلف باختلافها واحداً في كل واحدة منها وهو ما ظهر للمجتهد فلا حزم له به لأنه لا يتجاوز الظن بالإصابة ويجوز الخطأ على نفسه ولذلك قد يراعي مذهب المخالف في درء الحدود وتقرير فاسد العقود. وأما القطع بمصادفة مراد الله تعالى فهو مذهب المصوبة. ولا شك أن المعبر عنه بالفقه هو أدلة آحاد المسائل لا الدليل العام الدال على وجوب اتباع المجتهد لما أداه إليه اجتهاده لثبته للمقلد أيضاً كما صرح به في جواب السؤال الثالث والدليل العام القائم للمجتهد وإن كان يقيناً إلا أنه لا يفيد علماً بثبوت الأحكام بل بوجوب العمل بها ولا شك أن ظاهر تعليق العلم بالأحكام هو كونها معلومة بطريق يفيد علماً بثبوتها وبهذا تفسد المقدمة الأولى. وهي قوله "إن كل حكم شرعي ثابت بالإجماع" بل إن كل حكم شرعي واجب اتباعه على من ثبت عنده لا أنه ثابت إصابته وكذا قوله في المقدمة الثانية من الدليل المذكور بعد وهو "كل ما ظنه مالك فهو حكم الله قطعاً". إذا تقرر هذا فلابد من تأويل العلم في التعريف بما يشمل الظن القوي ولذا عدل عن هذا التعريف إمام الحرمين في الورقات فقال "الفقه معرفة الأحكام الشرعية" لأن المعرفة تشمل