وجعل غيره محتاجاً للدليل فهو من قبيل المطلق في اصطلاح الأصوليين وليس قيد الوحدة موضوعاً له حتى يكون حقيقته فيه. ولهذا يعرض له العموم بالقرينة المعينة لتقيده نحو "تمرة خير من جرادة" وقول الحر يرى "يا أهل ذا المغنى وقيتم ضرا" وقد ذهبت جماعة إلى أن النكرة موضوعة للفرد المبهم فهي في الإثبات واضحة وفي النفي إنما عمت لأن نفي الفرد المبهم يستلزم نفي جميع الأفراد إذ لو ثبتت فرد لما صدق أننا نفينا الفرد المبهم وهذا لا يتم لأنه إن كان المراد من الفرد المبهم واحداً من الجنس لا بعينه فلا يدل نفيه على نفي جميع الأفراد لصديق نفيه في حال انتفاء فرد أو فردين وبقاء الباقي إنما غاية الأمر يجب أن لا يكون المنفي معيناً بالقصد غليه وقت النفي. وإن أريد بالفرد المبهم المعنى الشائع في الأفراد آل إلى دلالتها على الماهية من حيث هي فلا تتم دلالتها على فرد واحد في الإثبات فتدبر في هذا المقام فهو من المزالق (قوله وكذلك سلب الحكم عن العموم كقولك ما كل عدد زوج الخ) أي بناء على قولهم إن كلا لتوغلها في الإبهام لا تتعرف لا سيما إذا كانت مضافة لنكرة والجواب: إن كلا نكرة تدل على معنى الكلية فإذا نفيت انتفى ذلك المعنى كله على وجه العموم فإذا قلت: ما كل عدد زوج فإنما نفيت الزوجية عن العدد بوصف الكلية فبقيت بعضيته لم تتعرض لها لأن النفي وإن كان يتوجه إلى المحمول إلا أن كلا تشبه المحمول لما فيها من الحكم فكأن المحمول معها تنوسي وصارت هي المقصود ولذلك إذا قلت: ما كل بقضاء درة فهم أن بعض البيضاء درة لأن النفي توجه لكل وهذا حكمها حيثما وقعت في حيز النفي فالذي لم يعم في قولهم: ما كل عدد زوج هو عدد